بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على سيد الأنبياء و خاتم النبيين محمد صلوات ربي عليه و على آله الطيبين الطاهرين المعصومين ثم اللعن الدائم على أعدائهم أجمعين..
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
بالنسبة للآية الكريمة (وورث سليمان داوود)
(وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ \" (16) {سورة النمل}
فالمخالفين يقولون لماذا لايكمل علمائكم الآية لتتضح لكم الحقيقة ؟
و إنهم بذلك يقصدون أن سليمان ورث من داوود العلم وليس المال
فكيف هي حجة احتجت بها فاطمة الزهراء (ع) ؟ و كانت بذلك تطلب المال وليس العلم ؟
أتمنى من سماحتكم توضيح هذا المعنى لي بشكل واضح
و إذا كان هناك محاضرة للشيخ يتلك فيها عن هذه المعلومة فيتم اخباري بها
و حفظكم الله سماحة الشيخ ووفقكم فيما تقومون به من أجل دين محمد و آل محمد
علي أحمد
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
جواب المكتب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عظم الله لكم الأجر في مصابنا الجلل بسيدنا ومولانا أبي عبدالله الحسين عليه السلام وأهل بيته وأنصاره وسبي نسائه وعياله , جعلنا الله وإياكم من الطالبين بثأره مع إمام هدى منصور من أهل بيت محمد عليهم الصلاة والسلام.
ـ إنّ إتمام الآية الكريمة في الواقع يفضح أهل البدعة، والقوم هكذا كعادتهم تكشفهم وتفضحهم حماقاتهم قبل أن يفضحهم الآخرون.
نحن الرافضة كعادتنا كُرماء لذا سنأتيهم لا فقط بالآية اللاحقة بل السابقة والآيتين اللاحقتين.
قال تبارك وتعالى: "وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (15) وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (16) وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (17)" سورة النمل.
يقول تعالى: "ولقد آتينا داوود وسليمان علماً" أي الله تعالى آتاهما
فهذه الآية الكريمة تثبت أن علم كلٍ من داوود وسليمان عليهما السلام هو علم لدني بتعليم وهبة من الله تعالى فإذا كان الأمر كذلك فليس من دليل على كون الوراثة هنا مختصة بالعلم وإظهاره. لأنّ الوراثة معناها المتبادر هو انتقال شيء من حوزة من يملكه بالأصالة إلى حوزة آخر تملَّكه بعد أن لم يكن يملكه.
لقد كان سليمان عالماً على حياة والده داوود عليهما السلام وقد ظهر علمه على حياة والده. ثمّ ما الداعي لأن يخبر الله تعالى أنه آتى كلا من سليمان وداوود العلم ثم يكرر نفس المعنى في الآية التي تلتها؟! إن علم سليمان قد ظهر على حياة والده وقد كان عالما، قال تعالى: "ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما".
إذن الوراثة في الآية الثانية متعلقة بأمر آخر وهو المال. لذا بعد هذه الآية يأتي قوله تعالى "وورث سليمان داوود". وهذا ما ستبينه الآية الكريمة التي تدل على أن سليمان عليه السلام قد ورث ملك والده أيضا.
وبعد هذه الآية ياتي قوله تعالى على لسان سليمان عليه السلام: "يأيها الناس عُلمنا منطق الطير وأُتينا من كل شيء إن هذا لهو الفضل المبين". بينما يقول تعالى مبينا عظمة ملك داود عليه السلام: "وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ (20)" سورة ص
وسليمان عليه السلام يتحدث عن نفسه بصيغة الجمع بغرض التفخيم فيقول أن الله تعالى علمه منطق الطير ثم يقول عليه السلام أن الله تعالى آتاه من كل شيء، فهل يُعقل أن الله تعالى حرمه من ذلك الملك العظيم لوالده؟ أيُعقل أن ملك داود العظيم لا يكون داخلا في قول سليمان عليه السلام "وأُوتينا من كل شيء"؟ أليس ملك والده شيئا؟
إن الحديث في الآية عن كل نعمة يُمكن أن يؤتاها الإنسان "من كل شيء". المال الموروث أحد تلك النعم. فبأي قرينة تُخرج هذه النعمة؟
ثم تأتي الآية التي بعد هذه الآية الكريمة لتتحدث عن مظاهر ملك سليمان في دلالة واضحة على كون ما ورثه سليمان هو ذات ملك والده. قال تعالى "وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (17)".
أيضا في ملك داوود كانت الطير فيه مسخرة تُحشر له قال تعالى: "إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالإِشْرَاقِ (18) وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ (19) وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ (20)". سورة ص
فبعد أن برهنا على أن السياق هو مما يدعم ويؤكد حقيقة كون الوراثة المذكورة في الآية الكريمة هي وراثة المال نستدل على كون الوراثة هي وراثة المال من القرآن أيضا
وردت آية أخرى تتحدث عن وراثة يحيى لزكريا عليهما السلام وبها نستدل على أن المقصود بالوراثة هي وراثة المال.
قال تعالى على لسان زكريا عليهما السلام: "يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (6)" سورة مريم، ولقد اعترف وأقر الفخر الرازي - شيخ وكبير مفسري أهل البدعة - بكون الوراثة المذكورة في تلك الآية المباركة هي وراثة المال.
ذكر في تفسير الآية أن من قالوا بأن المراد بالميراث في هذه الآية ميراث المال هم: السدي ومجاهد والشعبي وابن عباس والحسن والضحاك.
وعرض بعد ذلك أدلتهم على ذلك وهي التالية:
1ـ حديث الرسول: (رحم الله زكريا ما كان له من يرثه)، قال الرازي: وظاهره يدل على أن المراد إرث المال.
2ـ أن العلم والنبوة لا تورث، وإنما تحصل بالإكتساب. فوجب حمله على المال.
3ـ قول زكريا (واجعله رب رضيا) فلو كان المراد من الإرث إرث النبوة لكان سؤاله أن يجعله رضيا غير جائز، لأن النبي لا يكون إلا رضيا.
اما القرطبي فقد قال: عن ابن عطية قال: و"الأكثر" من المفسرين على أن زكريا إنما أراد وراثة المال، ويحتمل قول النبي صلى الله عليه وسلم (إنا معشر الأنبياء لا نورث) ألا يريد به العموم، بل على أنه غالب أمرهم.
الرجل الثالث هو الطبري في قوله: قال: يرثني من بعد وفاتي مالي، ويرث من آل يعقوب النبوة، وذلك أن زكريا كان من ولد يعقوب.
أخيرا نحيلكم على هذا الجواب لدفع ما يتوهم أنه اشكال أو شبهة من قبل القوم. (هنا)
وفقكم الله لمراضيه.
مكتب الشيخ الحبيب في لندن
12 صفر 1432